نجتمع كعادتنا بعد صلاة التراويح, في الواقع هناك من صلى التراويح و هناك من لم يصليها, بل هناك من لم يصلي العشاء أصلا, كما أني استطيع أن أقول أن هناك من لم يصم في هذا الشهر الكريم.
كنت أتوقع أن يكون الحوار ساخن هذه الليلة فالأحداث على الساحة لا ترضي كل الأطراف لذلك أوصيت سالم النادل بان يجهز لنا مكان منعزل حتى لا يستمع إلينا احد, لم يكن هذا الإجراء امنيا و لكن حتى لا نزعج مرتادي المقهى.
كنت انا أول الواصلين و جهزت المكان كما سبق, كان ماجد ثاني من حضر, كانت ابتسامته تعلو وجهه البيضاوي الأسمر, أسنانه الصفراء من اثر الدخان تظهر جلية من وراء هذه الابتسامة المشرقة. جلس ماجد و طلب من سالم قهوته السادة و أشعل سيجارة و جلس في هدوء يتأمل دخان سيجارته. بدا الأصدقاء في التوافد و كان أخر الواصلين هما مصطفى و مينا, جلسا متجاوران و اثر الإرهاق يبدو عليهما.
بدا ممدوح كلامه بسؤال موجه للجميع: من المسئول عن هذه الدماء؟رمى ماجد سيجارته على الأرض و بعد أن تأكد من دهسها " الأخوان المسلمين و مؤيديهم بكل تأكيد"انتفض مراد من فوق كرسيه "كيف يكون المقتول هو المسئول؟"توقف محمود عن نرجيلته و أشار لسالم بان يغير الحجر" فوضى 25 يناير و من قاموا بها هم المسئولون."امتعض وجه مسعود و لوح بيديه" لا ... لا ... بل هي ثورة و المسئول عن هذه الدماء هم الفلول و الدولة العميقة, لقد اتحدت جميع و كل مؤسسات الدولة لإجهاض هذه الثورة."تمتم محسن بكلمات غامضة كعادته ثم انطلق يرغي و يزبد" بل هم جبهة الإنقاذ و المعارضة ألوهميه, هم من تأمروا على الثورة....."قاطعه ماجد محتدا" هؤلاء لا ذنب لهم لكن التيار الإسلامي هو السبب, لم يعطوا فرصة للآخرين للمشاركة, كما أنهم قسموا المجتمع"عاد محسنا يكمل كلامه "العسكر أيضا مسئولون بل هم العنصر الأساسي لهذه المشاكل, "حاولت تهدئة الاجواء لكن كان الأمر قد خرج من يد الجميع خاصة عندما تحدث مازن بصوته الهادئ و كلماته ألسهله"كلنا السبب في ما حدث, العسكر يقوموا بانقلاب ثم يطلبون دعم شعبي فيخرج الملايين تعطوهم تفويض فيقتل من يقتل و يجرح من يجرح و بعدها لا تستطيع أن تعترض لأنك من أعطيتهم هذا التوقيع على بياض"لوح مسعود بيده" انا لم أعطي احد أي تفويض, لكني لم أكن راضي مطلقا عن الأداء السياسي أو التنفيذي خلال العام الماضي, لكن هذا لا يعني مطلقا أن نسكت عن هذه الدماء"جمع محسن زمام أمره " يا أخونا لابد من ضحايا لكن العدد كبير و مبالغ فيه ثم أننا في أول الطريق."وضع مسعود يده على كتفي و قال" أول الطريق أو أخر الطريق العدد كبير أو قليل أي قطرة دم لها حساب و لا يمكن أن تمر دون حساب"صرخ ماجد " لماذا يعتصمون كل هذه المدة؟ و ما الذي أبقاهم هناك؟ خاصة أن هناك تحذيرات قد صدرت إليهم, هم السبب و هم المسئولون"عاد سالم النادل لخبرنا بان الصوت مرتفع و أن رواد المقهى لا يستطيعون التركيز في لعب الطاولة و الدومينو, نظرا إلينا مصطفى و مينا و الدموع تملئ عيونهم و تركونا و انصرفا.