الشــــــــــــــــــــــك (الجزء الاول)
الكل يعرف انه ابى، انا ايضا اعلم ذلك و لكنى ابدا لم اشعر بها. نظرات الشك التى كانت تلتصق بى دائما جعلتنى اتسال بداخلى لماذا؟
كانوا دائما ينادوا اسمى مقترنا باسمه و هذا يؤكد لى انه ابى و لكنى لم اكن اعلم لماذا كان يمتقت لونه عندما كنت اسئله عن امى. يتحول الى انسان اخر هو اقرب لان ان يكون كتله من النار يحاول بكل جهده ان يتحكم فى نفسه حتى لا يحرقنى و عندما ينسى او يتناسى هذا الامر يتحول الى كومة من الشك لا تفعل شئ الا ان ترمينى بسهام الشك من عينه.
لا استطيع ان انكر انه لم يقصر مطلقا فى ماكلى و مشربى و دراستى و ملبسى و لكنى كنت اشعر بان كل هذا يقدم من انسان تجاهى كواجب لابد عليه ان يقدمه. لكن اى واجب هذا؟ ضع انت المسمى الذى تريده الا الابوة.
لجات الى كل من اعرف حتى استعلم عن امى، الكل يجيب اجابة واحده ماتت و ليس لها اقارب. لكن الوحيد الذى كان يربت على كتفى و يمسح شعرى و هو يلقنى هذه الاجابة التى لا محل لها من الفهم عندى هو عمى الوحيد، كان يشبه ابى كثيرا فى ملامحه و ان اختلف عنه فى الصوت لكن دائما الاجابة واحده.
لم اجد اى شئ يدل على ان امراة كانت تعيش فى هذا البيت مع هذا الرجل - ابى- لم اجد لامى صورة مثلا و قطعة ملابس قديمة او حتى ذكرى عنده يحدثنى عنها بها. لم تكن حتى سراب فى حياته. لكن الاغرب ان البيت لم تدخله امراة قط فليس له اخت اما امه فقد توفت من زمن بعيد يعلمه هو و عمى.
حاولت يوم ان اتقرب اليه و اساله عن امه هو فكانت اجابته واحده( ماتت هى ايضا) و لكن مالفت انتباهى انه لم يتحول الى كتلة النار و لكن بقى على حالته كومة من الجليد.
سالته محاولا ان يفتح صندوقه الاسود : ماذا كنت تفعل لك؟
اجاب و هو يزيح نظارته من فوق عينيه: لا شئ اكثر مما اقدمه لك.
كنت متاكد انها قدمت له اكثر من ذلك فانا ارى الامهات و ما يفعلون مع ابنائهم و لكنه وضع النظارة على عينيه مرة اخرى و رفع جريدته ليكمل قراءته مشيرا لى بالصمت.
تحولت الى مراة تعكس شكه. كان عندما يرمينى بسهام شكه لم اعد اتلقاها فى صدرى و لكنى كنت اردها له. فى البدايه حاول ان يتماسك امام نظراتى كان يبدو لى ان كومة الثلج بدات تذوب و لكن من داخلها. مازال السطح بارد و لكن الباطن بدا فى الذوبان.
يوم بعد يوم بدا لا يرمينى بسهام شكه و لكنى استمريت فى رميه بنبال الشك و كأن نظرات الشك التى كان يرمينى بها طوال السنين الماضيه مخزون لا ينفذ عندى.
بدا الثلج فى الذوبان كلما اشتدت سهامى خاصة اننى اتقنت فن التوجيه بل اننى ادركت ماهى الاوقات المناسبه لاطلاق اعيرتى لم يعد يطلق سهامه و لا يتحول الى كتله النار. اصبح لا شئ و لا حتى هواء. اصبحت الدفة فى يدى و بدات استعد ليوم الهجوم الاكبر و ادرس جميع الاحتمالات الممكنه. اعددت خطط كثيرة بديله و وضعت كل الحلول لكل الافترضات الممكنه وحددت يوم الهجوم الشامل. كان معدا ان يكون هجوم عام شامل مباغت. حددت فيه النتائج المرجوة و كانت اهم المغانم هى امى الذى لا اعرف عنها الا اسمها.
كنت قد جهزت يوم المواجهة ان يكون اخر يوم فى امتحانات سنتى النهائية بالجامعه.
عدت الى المنزل و ان اشحذ كل اسلحتى و لكنى لم اجده فى ارض المعركة. كان المنزل خاويا. هل قرر الانسحاب ام انه يعد هجوم مضاد؟ هل علم بخطتى و استعد لها؟
انتظرته طويلا بدات سهامه القديمة تنغرس اكثر فى صدرى بدات الجروح تدمى و كنت اعتقدت انها اندملت. كنت احسب اننى من يمسك المقود و ادير المعركة لكنى اكتشفت انه من يتحكم عن بعد. لقد خدعنى هذا الهرم. لقد استفاد كثيرا من عمله العسكرى.
مر باقى النهار ثقيلا كثيفا لزجا و داهمنى الليل و النوم. و عند استيقاظى و جدت صندوق امام سريرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق