كانى و مانى ليسا مجرد صديقان و لكن كل منهما يمثل رمز و اقونة فى حياته
كانى قصير نحيف ذو راس ضخم تندهش كيف استطاعت رقبته الرفيعة الطويلة ان تحمل هذه الراس الكبيرة. رقبته الطويلة الرفيعة تظهر لك من بين كتفين ضيقين و جسم هزيل. و رغم ان ملامح كانى و تكوينه الجسمانى يستدعى الضحك عندما تراه الا ان جميع اقرانه كانوا يسارعون لكسب وده و صداقته و ذلك لانه ينتمى الى عائلة غنية جدا. هذا الود لم يفز به الا مانى و هو على النقيض تماما من كانى فهو ضخم الجثة عريض الاكتاف راسه صغير تشعر و كأن هذه الراس قد دقت بين كتفيه دون رقبة مطلقا.
مانى اذا ليس مجرد صديق او رفيق لكانى و لكنه يمثل له رموز فى حياته و معيشته اليوميه فهو من يوفر لكانى الحماية الجسدية اذا ما حاول احد الاحتكاك بكانى و هو الموسوعة العلميه التى لا يمكن الا يجد بها معلومة ينشدها. فكانى يعتبره خبير استراتيجى و محلل عسكرى و سياسى محنك و ناقد فنى و رياضى.
كانى ليس شخص عادى ايضا بالنسبه لمانى فهو من يؤمن له حياته و يتكفل دائما و ابدا بكل مصاريفه دون غضاضه. كما ان كانى يشعر مانى بالاهمية التى لا يشعرها الا معه.
فى المعتاد يتقابلا كل ليلة فى مقهى بالقرب من منزل كانى يقضوا فيه سهراتهم ثم يقوم مانى بتوصيل كانى الى بيته و يعود هو وحيدا الى بيته.
كل ليلة يتقابلا فى المقهى اما ان يفتح كانى نقاش و بالاحرى فهو ليس نقاش انما هو عبارة عن اسئلة يوجهها كانى الى مانى و على مانى ان يجيب على هذه الاسئلة بطريقة معينه يدركها هو حتى يستطيع كانى ان يفهم .
فى هذه الليلة حضر كانى مبكرا بعض الشئ و طلب مشروبه المفضل - السحلب - الذى دائما ما يشربه صيفا ًو شتاءً املاً ان يزيد وزنه بعض الشئ. وصل مانى فى ميعاده جلس الى جانب كانى بعد ان القى عليه التحية و طلب نرجيلته المعتاده و التى لا تغادر فمه طوال جلستهم فى المقهى.
بادر كانى بالسؤال :ماهى هيئة الامر بالعروف و النهى عن المنكر؟
اخذ مانى نفس عميق من نرجيلته و فتح فمه الضيق ليخرج الدخان منه و كانه بركان ثم نظر الى صديقه قائلا " مجموعة من الموظفين مهمتهم مراقبة الناس و اخبارهم اذا اخطأ احد و معاقبة من يصر على الذنب"
سال كانى بعد فتره ليست بطويله " هل مرتبتهم جيده؟" نظر اليه مانى باستغراب فلاول مره يسال عن الامور الماديه و تحير مانى فى الاجابة و لكنه عاد الى نرجيلته و اخذ نفس اخر ثم نفخ الدخان فى خطوط مستقيمة متقطعه و قال له " انا لا اعرف رواتبهم و لكن لابد انها جيده فانا لم اقابل احد منهم من قبل فعلى حد علمى هم ليسوا منتشرين فى كل الدول "
"لكنهم موجودين هنا فى مصر" اضاف كانى و كانه يعترض على معلومة مانى المنقوصة و رفع كوب السحلب على فمه و اخذ يدق على قعرها املا ان يحصل على ما تبقى فيه بعد تجمده
وضع مانى النرجيله على المنضده فى ذهول و اعترض على كلام كانى بشده"هؤلاء ليسوا هيئة الامر بالمعروف و النهى عن المنكر اطلاقا فهم موجودين مثلا فى دولة قريبة جدا يفصلها عنا البحر الاحمر و لم يقتلوا احد رغم انهم يمارسون عملهم هذا من عشرات السنين"
و كالعادة توقف كانى عن الكلام محاولاً فهم ما قاله صديقه و بعد ان فهم وجهة نظر مانى طرح سؤال اخر " اذا من هؤلاء الموجودين فى مصر و يقمون بنفس العمل؟" التقط مانى نرجيلته و سحب نفس اعمق و اطول محاولاً ان يجد اجابة لهذا السؤال الذى لابد ان يجيب عنه و الا فقد بعض من قيمته امام الراعى الرسمى له ثم اخرج الدخان من انفه و كانه تنين غاضب يخرج النار من انفه ثم استدار الى رفيقه بعد ان وجد ضالته المنشوده" هناك اكثر من احتمال الاول انهم مجموعة من المتطرفين الذين يحملون افكار غريبه و عجيبة عن الدين معظمها نابع من علماء مشكوك فى تفكيرهم" قاطعه كانى محاولا اظهار انه ايضا يمتلك معلومة قد تكون غائبة عن صديقه و كانه يريد ان يضيف و لو حتى سطر فى الموسوعة" و لكن هناك البعض من يقول انهم ضباط امن الدولة السابقين" كان حجر نرجيلة مانى قد انتهى فاشار الى النادل ليغيره و نظر الى من يلازمه بامعان فعلى مايبدو انها البداية لان يفقد سطوته عليه" هذا هو الاحتمال الثانى و لكنى لا اؤيده فهؤلاء لا يقوموا بهذه الاعمال بايديهم" صمت لفترة قليلة و هو ينظر الى عينى كانى الجاحظتين دائما ليتعرف هل وصلت المعلومة ام لا و عندما لاحظ الحيرة فى عينيه اردف مكملا" فهم لم يقوموا بالبلطجه و لكنهم كانوا يؤجرون البلطجية ليقوموا بهذه الاعمال و من هذا فهم لم يقوموا بهذا العمل و لكنهم استاجروا هؤلاء ليقوموا بهذا العمل" عاد الى نرجيلته و تامل الفحم عليها و هو يطقطق مع انفاسه بيما كانى كان قد استلم فنجان من السحلب جديد ساخن مازال سائلا الى حد ما. تململ كانى فى جلسته و هذه علامة على ان فهم ما قيل و يريد المزيد و لكن مانى لم يهتم فلم يعد عنده ما يقال بل اهتم اكثر بنرجيلته و محاولته لاشعال نيرانها فزاد هذا من جحوظ عينى كانى و اسرع قائلاً " و لماذا لا يمونوا هؤلاء عبارة عن بالونة اختبار من خلالهم يستطيع ولى الامر ان يقننهم؟"
انزعج مانى من هذا الكلام و وقف مغادرا دافعاً حسابه و لاول مره فى حياته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق